Newsletter

Pour recevoir les nouvelles du site, entrez votre courriel et cliquez sur « Je m’abonne »

Pas dans le but de défendre le patriarche maronite, Al-Akhbar, 15.09.2011

ليس دفاعاً عن سيّد بكركي

 16 Antoine Fleyfel Rai

 في السابع من أيلول الجاري، كنت من بين الحاضرين في مركز مجلس الأساقفة الفرنسيّين في باريس، أشارك في المؤتمر الصحافي للبطريرك الماروني، بشارة الراعي. الحديث المشوّق بينه وبين الصحافيين الفرنسيين فاجأني، إذ كانت تفكّرات سيّد بكركي الجيوسياسيّة مختلفة جدّاً عن لغة خشبيّة وباهتة لطالما ألفناها. وكم كنت سعيداً عندما عبّر أصدقاء لي، صحافيون وجامعيون فرنسيون، عن إعجابهم برقي الحديث وعمق التحليل وجدّيته. ولكنّ شعوري ذلك كان مصحوباً بمخاوف من سوء فهم كلام الراعي واستثماره السياسي الرخيص منذ اللحظات الأولى لانتهاء المؤتمر، حين انتهره بعصبيّة بعض الصحافيين اللبنانيّين، طالبين التوضيح لأنّ «كلامه خطير»، وبالأخص ما قاله في الدقيقة الأخيرة من المؤتمر عن الموضوع السوري. وبالفعل، لم تتأخر ردّات الفعل البتة عن الموعد، فاعتُبر الراعي مثيراً للنعرات الطائفيّة، ومدافعاً عن سوريا، وضارباً الدولة اللبنانيّة، وخارجاً عن أدبيّات بكركي، ومعطياً غطاء لحزب الله يثبّت معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ومسلّفاً مواقف إيجابيّة لسوريا…

 لا شكّ أنّ كل ما يُكتب ويُقال هو خاضع للتأويل. فالتأويل علم، علم الفَسارة، حاول كبار الفلاسفة واللاهوتيّين وكل رجال العلم إتقانه، من أجل التوصّل إلى أوضح وأدقّ وأمتن فهم للأمور والأفكار. ولكن ما يدهشني هو أن يتناول سياسيون ورجال دين لهم مكانتهم في المجتمع اللبناني كلام البطريرك الراعي في ذلك اليوم، ويأوّلوه بخفّة وتشويه واستثمار سياسي رخيص، يمكن المراقب الناقد أن ينظر إليها كتعبير عن قدراتهم التأويليّة… احتراماً للعقل الناقد، وليس دفاعاً عن سيّد بكركي بل أمانة لما أعلنه، وهو يستحق أكثر بكثير ممّا احتوته المواقف المتشنّجة من اجتزاء وعدم أمانة، ينبغي توضيح أقوال بشارة الراعي عن موضوعي سلاح حزب الله وسوريا.

 لم يدافع البطريرك الماروني في ذلك اليوم عن سلاح حزب الله، بل قال إنّ الحزب المتحالف مع سوريا وإيران، الذي يملك المال والتنظيم على كل الأصعدة، يشكّل مشكلة كبيرة لأجل سلاحه. فمن الواجب إيجاد حلّ لذلك السلاح. لم يبرّر الراعي بقوله ذاك أبداً بقاء سلاح حزب الله، ولم يدافع عنه، لكنّه عرض ثلاثة مبرّرات موضوعيّة يستعملها الحزب لتبرير محافظته على سلاحه، من دون أن ينقضها أو أن يعتبرها ضلالاً. فحزب الله يعتقد، بحسب الراعي، أنّ سلاحه لا يزال ضرورة، أ) لأنّ جزءاً من أرض جنوب لبنان لا يزال ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، ب) لأنّ واقع وجود اللاجئين الفلسطينيّين على أرض لبنان مع أسلحتهم موضوع يجب معالجته بعودتهم إلى أرضهم، ت) ولأنّ الجيش اللبناني ليس مسلّحاً بالشكل المناسب للدفاع عن أرض لبنان. تلك هي مبررات حزب الله، وليست مبررات الراعي الذي يريد حلّ مسألة السلاح. فلذلك، طلب البطريرك من الدولة الفرنسيّة مساعدة اللبنانيين على إبطال تلك المبررات، من خلال ضغوط دبلوماسيّة مناسبة، وخطوات عمليّة، أي عبر تطبيق قرارات مجلس الأمن التي تلزم اسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانيّة، وتطبيق قرارات مجلس الأمن التي تطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيّين إلى أرضهم في فلسطين، ومن خلال تسليح الجيش بالشكل المناسب، ما يسمح له بالدفاع عن حدود لبنان. لم يدافع الراعي عن حزب الله، بل طالب باحترام المقررات الدوليّة، وتسليح الجيش اللبناني لإبطال مبررات حزب الله وحلّ مسألة سلاحه.

 

تندرج أقوال الراعي عن سوريا من ضمن مبادئ الكنيسة العامّة وتحاليل تصيب واقع المتغيّرات المستجدّة في الشرق الأوسط، ومنها الربيع العربي. هو يؤكّد أنّ مطالب الشعوب العربيّة بالعيش الكريم محقّة، وهو مع كلّ الإصلاحات اللازمة. لكنّ البطريرك عبّر عن مخاوف ثلاثة للسلطات الفرنسيّة: خشية استبدال الأنظمة الحاليّة بأنظمة أصوليّة، وخشية حصول حروب أهليّة طائفيّة كما في العراق، يدفع المسيحيون ثمنها غالياً، والخشية من مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي قد يؤول إلى تفتيت البلدان العربيّة إلى دويلات طائفيّة. وعندما تكلم على الواقع السوري، لم يتوان الراعي عن التذكير بالمعاناة التي لم ينسها من ذلك النظام في لبنان.، لكنّه عقّب على ذلك مستعملاً صيغة الماضي، مضيفاً إنّ الرئيس الأسد كان قد بدأ بإصلاحات سياسيّة، وإنّه كان يجب إعطاؤه فرصة للمباشرة بتلك الإصلاحات، «بالأخص لتجنّب العنف»، ولحاجته الى الوقت لأنّ الحكم في سوريا ليس قائماً فقط على شخصه، بل على ماكينة حزب البعث السياسيّة. وأشار البطريرك بوضوح الى أنّ الكنيسة لا يمكنها أن تأخذ موقفاً إيجابياً أو سلبياً من أي نظام، لكنّها مع كل حلّ يعطي الشعوب حقوقها، ويجنّب العنف. فإن كان بالإمكان تجنّب العنف الحاصل الآن في سوريا، وبلوغ المطالب المحقّة للمواطنين، فأين الخطأ؟ أمّا مخاوف البطريرك من تداعيات تغيير النظام في سوريا، وحصول حرب طائفيّة، فهي مبنيّة على التجربة العراقية، وهو طرح السؤال: «ماذا كان العراق، وماذا أصبح؟ أين هي الديموقراطيّة التي أرادوها؟». لم يدافع الراعي عن النظام السوري، بل أعلن عن آمال كانت لديه لحلّ تلك المسألة، من دون اللجوء إلى العنف الحاصل الآن، ومن خلال تطبيق إصلاحات سياسية داخليّة. ولم يقل إنّ على النظام البقاء أو الذهاب، بل طرح تساؤلات عدّة تأخذ بعين الاعتبار معطيات إقليميّة موضوعيّة (بالأخص أوضاع المسيحيين في العراق ومصر)، ومبادئ كنسيّة كالحياد السياسي وتجنّب العنف.

 باختصار، طالب البطريرك الماروني بالأمور الآتية: إبطال مبررات حزب الله للتخلّص من سلاحه، التوصّل إلى إصلاحات يريدها الشعب السوري من دون عنف وقتل، نبذ قيام كيانات أصوليّة أو دويلات طائفية، عودة الفلسطينيّين إلى أرضهم، تحرير ما بقي من أرض لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، وتسليح الجيش. فهل تلك المطالب هي فعلاً مخالفة لثوابت بكركي التاريخيّة، ومشرّعة لسلاح حزب الله ومؤيّدة للنظام السوري؟

أنطوان فليفل

جريدة الأخبار 15.09.2011

Béchara Sargi: le monde arabe n’existe pas, Al-Akhbar, 08.09.2011

بشارة صارجي: العالم العربي غير موجود

 15 Bechara Sargi

ولد بشارة صارجي في 1930 في بيروت، وبعد دراسته الفلسفة واللاهوت في إكليريكيّة دير المخلّص في جون، سافر إلى روما لمتابعة دروسه الفلسفيّة، هناك كتب أطروحة دكتوراه عنوانها «La participation de l’être dans la philosophie de Louis Lavelle»، طُبعت في منشورات بوشان عام 1957، وقدّمها له الفيلسوف الكبير بول ريكور. عاد صارجي إلى لبنان وعلّم في جامعات عدّة. كان الدكتور صارجي منتمياً إلى الرهبانيّة المخلصية، وكتب في تلك المرحلة من حياته، في 1975، كتاب «العلاقات الجنسيّة والدين»، الذي أثار ضجّة كبيرة، وانتقد فيه التعليم الأخلاقي الديني التقليدي حول الجنس. أدّى به تطوّر فكره بهذا الخصوص إلى أخذ قرار الزواج، اقتناعاً منه بأنّ حياة الإنسان لا تكتمل من دون عائلة. له كتابات عدّة وإطلالات متنوّعة على شاشات التلفزيون، ومنها برنامج «نور الأديان» على «تيلي لوميار».

 قليلون هم الذين يتذكرّون صاحب المحاضرة الشهيرة التي ألقيت في 11 شباط 1958: «في سبيل فلسفة لبنانية»، في زمن كان فيه الصراع في أوجه بين نزعات العروبة واليسار ومقولات القوميّة اللبنانيّة واليمين. يطلعنا في هذه المقابلة الفيلسوف اللبناني بشارة صارجي على تفكّراته الفلسفية

 ■ ما هي الفلسفة؟

الفلسفة هي استخدام العقل، والعقل مجالاته لا حدود لها. يستطيع المرء أن يذهب إلى أقصى الحدود باستعمال العقل وأن يكون مطمئناً في نهاية المطاف إلى المكان الذي يصل إليه. وذلك تحديد ليس بجديد، عرفناه منذ أيّام أرسطو الذي قال إنّ الفلسفة هي البحث عن الأسباب النهائية والعميقة. وفكرته مشهورة في كتابه حول علم الماورائيات (métaphysique): أبدأ بالعمق، ولا أستطيع في نهاية المطاف إلا الوصول إلى فوق، عند الله. فهكذا، لا حدود للفلسفة، بالعمق وبالصعود إلى فوق. إن لم يستعمل الإنسان عقله، لا يمكنه العيش.

 ■ هل لا تزال للفلسفة وظيفة في العالم العربي حالياً؟ وهل هي قادرة على إعطاء أي شيء للعالم العربي؟

كلمة عالم عربي غامضة بعض الشيء لأنّ من الصعب تحديد العالم العربي. هناك بشر يعيشون في البيئة العربية، منهم من يتأثرون بالفلسفة، ومنهم من لا يتأثرون. المشكلة أنّه لا يوجد الآن عالم يمكننا تسميته العالم العربي. يجمع العرب قليلاً الدين الإسلامي، والبترول، والأوضاع الاجتماعية. لكن العالم العربي الذي حلم به الكثيرون في بداية القرن العشرين ليس له وجود لأنّه ضُرب بعدما تفككت الإمبراطورية العثمانية. لم تتأسس الوحدة العربية المرجوة في ذلك الزمان. استخدام العقل يفيد دائماً كلّ الناس. لكن «الشطارة» تكمن في كيفية استعمالهم له، وبقدرة إرادتهم على المثابرة في السير بطريق العقل. ذلك أمر يتطلّب الكثير من التعب والجهد. لكنّني لست «يائساً» ولا أقول إنّ العالم العربي لا يستفيد. لكن تعبير «عالم عربي» أضحى غامضاً.

 ■ إذاً فلنتكلّم عن السياق العربي، أي الشرق الأوسط والدول التي يحويها

ينبغي على العقل أن يؤدي دوراً أساسياً، لأنّه سبيل التطوّر في ذلك السياق العربي، وخاصة سبيل للأنسنة. الإنسان يتمايز عن بقيّة المخلوقات بالعقل. أنا لا أخترع شيئاً جديداً، فقد تمّ التعريف عنه منذ القديم على أنّه حيوان عاقل. إذا استخدم عقله استفاد، وإن لم يستخدمه تدنّى. المسألة واضحة! لا نريد أن نقدّم كتباً تقول إنّ الفلسفة هي دراسة الأشياء في أسبابها الأخيرة، إلخ. الفلسفة هي حول كيفية استخدام العقل في الحياة، وهذا أمر ضروري ومهم.

 ■ ما هي الأفكار الأساسية التي ينادي بها بشارة صارجي؟

على صعيد الوجود الإنساني، أنا أؤمن بمبدأ وبهدف خاصين بي. فأنا أعتقد أنّ على كلّ إنسان يريد أن يعيش حياة سليمة أن يعلم وأن يحدد من أين أتى وإلى أين يذهب. في تلك العملية، لدينا في وجودنا الإنساني، إلى جانب العقل، ما نسميه الإيمان. والإيمان هو من العمليات الإنسانية التي تخوّلنا خلق العلاقة مع الأمور. العقل يمكن أن يكون جزئياً، بينما الإيمان يدخلنا في حياتنا كلها. وذلك أمر بالغ الأهمية لأنّه لا يوجد على وجه الأرض إنسان لا يستعمل إيمانه في بداية الأمور. حتى الملحد، يصبح ملحداً بإيمان. مثلاً، المسيحي، قبل كل شيء يؤمن بالكتاب المقدّس حتى من دون درسه أو قراءته. المسلم يؤمن بالقرآن حتى قبل دراسته. فعملية الإيمان تلك موجودة في حياة كل إنسان. وإن أراد الإنسان أن لا يؤمن، فذلك أيضاً فعل إيمان أن لا يؤمن، لأنّه لا برهان على كل ذلك. ولكن كل إنسان على وجه الأرض يستعمل تلك العملية التي نسميها إيمان وهي أوسع من العقل. العقل يبرر، أما الإيمان فهو لا يبرر. الإيمان تسليم يسند نفسه بعد ذلك إلى العقل. الإيمان هو قبل كل شيء، وهو الذي يدفعنا بعد ذلك إلى توجيه عقلنا. أنا واجهت تلك المسألة عندما كنت أتكلّم السنة الماضية عن المؤمن المسيحي ونظرية داروين. لست بوارد دحض تلك النظرية العلمية، لكنّني في الوقت نفسه لا أزال أؤمن بما يقوله سفر التكوين. ذلك يعني بالنسبة إلي أنّ الإنسان الذي يمكن أن يكون حصيلة تطور طبيعي في جسده، لم يصبح إنساناً إلا بتدخل إلهي. وتلك فحوى رواية الكتاب المقدّس. ولكن، هل صنعه من تراب أو من قرد؟ ذلك ليس الموضوع. الموضوع هو أنّ وجود الإنسان على الأرض نابع من تدخل إلهي. وتلك قناعة استقيتها من الكتاب المقدّس، بفعل إيمان. تريحني تلك خلاصة. هل هذا خطأ أم صواب؟ ذلك إيماني أنا. وبعد ذلك، إن تكلّمت عن الإنسان، أتكلّم عنه انطلاقاً من هذا الإيمان. إن قبلت بالعلم، أقبل به انطلاقاً من هذا الإيمان. فلذلك، عليّ احترام إيمان غيري في حوار الأديان، وأن أساعده على عيش إيمانه بحسب منطلقاته. يجب نبذ الفكر القائل بأنّ الحقيقة واحدة وبأنّها موجودة في مكان واحد. فلولا إيماني لما قلت عن حقيقتي إنّها حقيقة. ولولا إيمان المسلم لما قال عن حقيقته إنّها حقيقة. ولكن في أي وقت تصبح حقيقة المسلم أو حقيقة المسيحي حقيقة بالفعل؟ عند عيشها. وذلك ما يقوله الفيلسوف كيركغارد: «الحقيقة ليست من حقل المعرفة، لكنّها اختصاص كل الذاتيّة (subjectivité)». فمن يعيش حقيقته هو حقيقي. تلك هي فكرتي الأساسية، فإن لم تكن الفلسفة خادمة للإنسان فلا قيمة لها. والفلسفة التي تريد إيصال الإنسان إلى العدم، أنا أرفضها.

 ■ إذاً أنت تعارض كلّ التيارات الفلسفية التشاؤمية؟

أجل، كلّها. فنظرتي الفلسفية لها منطلق واضح: الإنسان قيمة على هذه الأرض، وعندما يجتمع مع الآخر يصبح قيمة أكبر. أنا لا أقبل أن يكون وجود الإنسان لا معنى له. وقد قلت شيئاً في 1959 أغضبت أثناءها المسلمين والمسيحيين: قبل أن أكون مسيحياً أو مسلماً، أنا لبناني، أنا كائن طبيعي ولد في هذا البلد. هذا اللبناني يعتنق المسيحية أو يعتنق الإسلام.

 ■ ماذا عن العلمانية والطائفية؟

كنت أتناول العشاء في 1956 مع بول ريكور، وكان في ذلك الحين هناك مشكلة فرنسا والجزائر. وقال لي أثناءها إنّ النموذج المثالي للجزائر هو لبنان. وبالفعل، عندما ولد لبنان كان نموذجاً، باقة جميلة، لكن لعبة الأمم شوّهته، وبالأخص الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينيّة في 1948 واللجوء الفلسطيني الذي تلاه إلى لبنان. فذلك زجّ به في عمق القضيّة الفلسطينيّة، ما أضاع التوازن الذي كان موجوداً عند ولادته، إذ لم تكن هناك من طائفة طاغية. إنّ الظلم الذي عاشه الفلسطيني على أرضه وواقع نزوحه إلى لبنان ساهما في خلق واقع طائفي، وقتل ذلك لبنان.

 ■ إذاً، القضية الفلسطينية لها علاقة بمشاكل لبنان؟

القضية الفلسطينية قضيّة محقّة، والشطارة أنّها بقية قضية محقّة على الرغم من لعبة الأمم. كانوا يريدون قتل القضية الفلسطينية لكي ينساها العالم ولم يفلحوا في ذلك. فحتى إسرائيل تحسب الآن لها حساب. لكن، على الرغم من تلك الوقائع، أبقى مقتنعاً بأنّ مشكلة لبنان لن تنحلّ طالما لم يتم التوصّل إلى حلّ للقضيّة الفلسطينيّة.

 ■ كيف تنظر إلى الربيع العربي؟

الشيء الأكيد أنّ الشعب أصبح متضايقاً من أنظمته، لكنّني لا أرى أنّ الحلّ آت بتلك السهولة. الشعب بدأ الآن بالتذمّر في تونس وفي مصر. الثورة هي في العادة من تخلق مجتمعها، لكن شعوري أنّ الثورات ليست بطور خلق مجتمعها في العالم العربي، وأنّ الثوب الحاضر (prêt à porter) قد حاكه الخارج للعالم العربي. الثورة هي وليدة المعاناة في العالم العربي، لكن الخارج يتكفّل الآن بإكمال الطريق.

لست مطمئناً على استمرارية الثورات وعلى بلوغها أهدافها. ومن المحتمل أن يقسّموا الدول العربية أكثر وأكثر. فالعراق تقسّم، واليمن على الطريق، وسوريا هي المسألة الكبيرة في ظل إصرار دول غربية على إزاحة النظام. والمشكلة الأكبر هي في تغيير الحكم في سوريا مع عدم وضوح من قد يتسلّم الحكم في حال سقوطه.

حاوره أنطوان فليفل

جريدة الأخبار 08.09.2011

Joseph Maalouf : la théologie du dialogue avec la modernité, Al-Akhbar, 02.09.2011

جوزيف معلوف: لاهوت الحوار مع الحداثة

 14 Maalouf Mihnat

 في كتابه الأخير، يتناول أستاذ الفلسفة جوزيف معلوف إصلاحيي الفكر اللاهوتي في القرن العشرين، وتحديداً البروتستانت منهم، والتحديّات التي واجهتهم بعد تنامي النقد في أوروبا تجاه النص الديني عموماً

 صدر حديثاً عن «سلسلة سبيلنا إلى الوحدة المسيحية» كتاب لأستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية، الدكتور جوزيف معلوف، بعنوان «محنة الفكر الديني، مفكّرو الإصلاح في القرن العشرين» (منشورات المكتبة البولسية ـــــ 2011). يروم هذا البحث إلقاء الضوء على التحدّيات الفكرية التي واجهت لاهوتيي الإصلاح البروتستانتي في القرن العشرين، إثر تغيّر القرائن التاريخية والاجتماعية والفكرية التي ولد فيها ذاك الإصلاح في القرن السادس عشر. ولا يتوانى معلوف عن وصف «المحنة المصيريّة التي تعانيها المسيحية» الغربية التي أسهم في استثارتها «التيار العقلاني وتنامي الروح النقدية في أوروبا إزاء تاريخيّة النص الديني، وتفسير الوحي الإلهي، وعلاقة الله بالإنسان، ومضمون العقائد».

 يؤدّي هذا الكتاب خدمة جليّة للفكر الديني العربي، إذ يملأ فراغاً كبيراً، عبر دراسته ـــــ باللغة العربية ـــــ أفكار كبار لاهوتيي الإصلاح في القرن العشرين، ومن خلال إدراج تلك الأفكار ضمن تيّارات لاهوتيّة تتكامل وتتجابه، تتطور أو تضمحل. يُدخل الكاتب القارئ إلى تفكّر إيماني نادراً ما نفقهه في العالم العربي، حيث الغلبة إجمالاً للنص الديني الذي يتخطّى التاريخ، لتأويل المؤسسة الدينية أو لجمود العقائد، إذ يتميّز لاهوت الإصلاح الغربي بدرجة رفيعة جدّاً من النقد العلمي والتقابس مع الفلسفة والعلوم الوضعية والإنسانية والتاريخية، وهو لا يتوارى عن الغوص في تساؤلات قصيّة تصيب أقدس التقاليد، وتطيح أمتن المفاهيم الدينيّة المُسلّم بها. يقدّم أيضاً هذا الكتاب ترجمات لمصطلحات لاهوتية ولمفاهيم دينية لطالما تساءل قارئ اللغات الأجنبية عن كيفيّة تعريبها بأمانة. أمّا المنهجية العلمية التي يستعملها معلوف، فهي تُطلع الباحث على أسلوب نقد في العلوم الدينية قلّما ألفناه في سياق كَثُرت فيه الدراسات الدينية الدفاعية، والتقويّة، والسطحيّة، والتاريخيّة.

 يشبه هذا الكتاب موسوعة مصغّرة لفكر الإصلاح الغربي في القرن العشرين، تولّفه وتعرض باقتضاب دسم ورفيع، منهجيّة لاهوتيّين يصعب الاستقصاء عن أفكارهم وكتاباتهم في المكتبة الدينيّة العربيّة. من أهمّهم: فريدريك شلايرماخر، أدولف فون هارناك، رودلف بولتمان، فريدريك غوغارتن، كارل بارت، إميل بونر، بول تيليخ، فولفهارت باننبرغ، يورغان مولتمان، دييتريش بونهوفر، غيرهارد إيبلينغ، وإرنست كيزيمان… كما يسطّر الكتاب، بطريقة فذّة، تعاقب التيّارات الفكريّة، فيما يذكّرنا جوزيف معلوف بأنّ القرن العشرين اللاهوتي افتتح بمحاضرة لأدولف فون هارنك، يضع في متناولنا تطوّر الفكر الديني البروتستانتي من خلال نقده لذاته ولقائه مع إشكاليّات الحداثة وتحدّياتها. هكذا، يخيّل إلينا أنّنا أمام رواية مشوّقة تخبرنا عن المسيرة التاريخيّة للتيّارات اللاهوتيّة الكبيرة التي طبعت الفكر الديني الغربي برمّته، ومن أهمّها: اللاهوت الليبرالي، اللاهوت الجدلي، لاهوت الأزمة، اللاهوت الوجودي، اللاهوت التأويلي، لاهوت الثقافة، لاهوت الرجاء، اللاهوت السياسي، مسألة تاريخيّة يسوع الناصري…

 أهمّية هذا الكتاب تتخطّى مسألة الاطلاع البحتة، أو التعرّف على أنظومات دينيّة لم نألفها إلا نادراً، في عالمنا العربي، إذ إنّ تفكّرات اللاهوتيين الذين يعرض معلوف أبحاثهم، تدفع القارئ إلى التبصّر بأعمال لاهوتيّة لا تهاب الحوار مع الحداثة ومكتسباتها، لا بل تستنبط منطقها انطلاقاً من مقولات يرفضها الفكر الديني العربي عامّة، ويواجهها أو يعدّها مخالفة لأسس الإيمان، إذ لم يخشَ لاهوت الإصلاح، في القرن العشرين، قراءة النص الديني قراءة نقدية تاريخية تؤدّي مثلاً، مع رودولف بولتمان، إلى «تفكيك الأسطورة» الكتابية. فهذا الأخير رأى أنّ صياغة الكتاب المقدّس أسطوريّة، وأنّ على اللاهوت المسيحي أن يعبّر عن حقيقة الإيمان عبر خطاب يحترم تقدّم الأبحاث العلمية، ويتكلّم لغتها، ولا يعرضها باسم نظرة إلى العالم ترقى إلى أكثر من ألفي عام. فالفرق شاسع بالنسبة إلى اللاهوت الوجودي واللاهوت التأويلي، بين معنى النص المقدّس الذي يبقى الأساس، وطريقة التعبير عن هذا المعنى بخطاب نسبي، عليه أن يجاري دائماً تطوّر الثقافات الإنسانية. ولم يتردّد بعض هؤلاء اللاهوتيين باعتبار أنّ العلمانية تستمدّ مبادئها من الإيمان المسيحي، مثل غوغارتن، الذي يقول إنّ العلمانية نتيجة منطقيّة للمسيحيّة، إذ «إنّ لاهوت العلمانيّة هو محور الإصلاح منذ مارتن لوثر في مطلع القرن السادس عشر». يتجلّى ذاك المنطق بأبهى حلله في فكر بونهوفر، الذي قضى في المعتقل النازي في 1945، وتكلّم عن مسيحيّة آتية لادينيّة، تعبّر عن رسالة المسيح الإيمانيّة، في عالم راشد لا يحتاج إلى الدين في مقاربته لأصالة وجوده.

 كلّ تلك المحاولات اللاهوتية كان هدفها بناء خطاب ديني يثبت أنّ الإيمان والحداثة لا يتناقضان، وأنّه يمكن الأنظومة الدينية المسيحية أن تجاري تطوّر الإنسان، وأن تسهم في بناء الحضارة الإنسانية بكلّ أصالة، لكن تلك المحاولات ولدت من رحم أزمات متعددة وكبيرة، هزّت كيان الأنظومة المسيحية الغربية التي لطالما اعتادت، على مرّ القرون، العيش في بيئة مسيحيّة صرفة. فمعظم «اللاهوتيين أجمعوا على وجود محنة دينيّة عميقة ومصيرية في المجتمعات الأوروبية، إذ بات الخطاب المسيحي، على حد تعبيرهم، خطاباً باهتاً وخجولاً تنقصه الحيويّة والإبداعية، نظراً إلى حدّية التحدّيات العلميّة والاجتماعية والوجوديّة التي تعترض سبيله». ويخلص الدكتور معلوف إلى القول إنّ «اللاهوت الإصلاحي نجح في إعطاء أجوبة جديدة عن تساؤلات عصرنا عن الله، إلا أنّ هذه الأجوبة تبقى مؤقّتة، إذ ينبغي للاهوتيين أن يعيدوا النظر في كلّ ما كتبوه عن الله، لأنّ اللغة، مهما سمت، تبقى عاجزة عن التعبير عن الله وسموّه. من هنا ضرورة انفتاح المسيحيّة الدائم على النقد… كي تبقى تلك الديانة في نماذجها المتعدّدة قادرة على التجدد والتأثير في حركة التاريخ». تبقى تلك الخلاصة النقدية استنطاقاً برسم الخطابات الدينية في لبنان والشرق، لعلّها تخفّف من وطأة يقينها بامتلاك الحقيقة، وتتّضع أمام السر الذي يسمو كلّ تعبير وكلّ كلام لا تحدّه أيّ مؤسسة دينية أو إنسانية، ولا يمكن أيّ تعليم عقائدي، أو كتاب أو سلطة دينيّة أن تقبض عليه.

 يستثيرنا هذا الكتاب إلى طرح تساؤلات كثيرة برسم القيمين على اللاهوت والخطاب الديني والتفكّر الإيماني في عالمنا العربي، وخاصة في لبنان، حيث لحريّة الفكر هامش أكبر نسبيّاً. هل على قراءات الكتب المقدسة أن تبقى مقفلة أمام باب التأويل العلمي والتاريخي، وهذا التأويل لا يؤذي الإيمان، بل يحرّر من نظرات غير آنيّة إلى العالم، ويوسّع أفق الإنسان الدينية، إذ يضع جانباً فكرة تعارض الحداثة مع الإيمان؟ هل يجوز للبعض المضي في اعتبار العلمانيّة، مع صعوبة تحديدها، منطقاً مضاداً للدين، ومناقضاً له أو متعارضاً معه؟ وهل من المسموح به استمرار الإعراض، في كثير من السياقات الدينية، عن استعمال العقل الناقد والعلمي لفهم معنى الوجود والأصل والإيمان؟

هذا الكتاب ليس أوّل عمل فكري يتطرّق من خلاله البروفسور جوزف معلوف إلى الفكر الديني الناقد، وكتابته في هذا الموضوع ليست أوّل خدمة يؤدّيها لإغناء المكتبة العربيّة الدينيّة. فقد ترجم، بالاشتراك مع أورسلا عسّاف، أحد أهم كتب اللاهوتي الكبير هانس كونغ، الذي تشاجر مع الدوائر الفاتيكانيّة، في أواخر السبعينيّات «مشروع أخلاق عالميّة» (بيروت، دار صادر، 1998). يتكلّم هذا الكتاب عن ضرورة إيجاد أخلاق كونيّة يتلاقى البشر على أساسها، كما يشدّد على أنّه لا يمكن التوصّل إلى سلام عالمي من دون سلام ديني، ولا يمكن البلوغ إلى سلام ديني من دون الحوار بين الديانات. تلك الأطروحات تضع جانباً كلّ منطق يروم القبض على الحقائق الأخلاقيّة وقولبتها في حقيقته، أدينيّة كانت أم لا. فالتوصّل إلى مبادئ العيش الإنساني في المدينة هو من مسؤوليّة كلّ المواطنين، أكانوا متديّنين أم علمانيّين، ويتطلّب ذلك من كلّ الأطراف حواراً عميقاً وأصيلاً، واعترافاً بالقيمة الإنسانيّة الأخلاقيّة الموجودة عند الآخر، أمرتكزة كانت على الدين أم لا. ذاك الفكر الديني الناقد الذي يقر بالقيمة الأخلاقيّة الموجودة عند كلّ البشر، يتعارض مع كلّ منطق ديني تقليدي أو طائفي لا يؤمن إلا بحقيقة مصدرها أنظومته الخاصّة، لا بل يسير هذا الفكر في مسلك المنهج العلماني الذي ينطلق من فكر إنسانوي، قوامه قيمة الإنسان الذاتيّة وإسهامه، عبر حياته الخاصة وإيمانه، في إغناء الحياة الإنسانيّة من خلال خبراته الوجوديّة وتفكّراته. كتاب «محنة الفكر الديني» تناول تلك الإشكاليّات على نحو أوسع، وأدرجها ضمن مسيرة فكريّة تخصّ تيّارات لاهوتيّة ولاهوتيّين عدّة. وقد أظهر تلازم العلمانيّة مع الفكر الديني الناقد، وأهمّيتها لإيمان أصيل يعيشه إنسان الحداثة وما بعد الحداثة. ذاك الفكر الديني الناقد يصرّ على أنّ العلمانيّة هي في زمننا أفضل الأنظمة الإنسانيّة الضامنة للحريّة الدينيّة، وللعيش الكريم وللتلاقي الإنساني. ينطبق ذلك طبعاً على شرقنا العربي، وبالأخص على لبنان، حيث يتفشّى المنطق الطائفي الذي يستكرهه الفكر الديني الناقد. وقد كتب جوزف معلوف في هذا السياق انّه «مقتنع بأنّ المشرق العربي سيتفكّك ويتقهقر إن لم يواكب الحداثة في توجّه علماني منفتح يضمن حقوق الجميع، ويرفع من استقلاليّة الفرد، ويحترم الأديان وخصوصيّتها» (العلمانيّة: مطلب أقليّات أم حاجة مشرقيّة، محاضرة أُلقيت في 5/12/ 2009، في مؤتمر «العلمانيّة في مسألة متجدّدة» في جامعة الروح القدس الكسليك).

أنطوان فليفل

جريدة الأخبار 02.09.2011

Rima Tawil… l’opéra en arabe, Al-Akhbar, 18.08.2011

ريما طويل… الأوبرا بلسان العرب

 12 rima tawil

“شعبي، من غربتي، أنادي، قل معي: لبنان غرامي”. كلمات تحملها حنجرة ذهبية بأداء لم يألفه إنسان الأرض العربيّة. “سلام وغرام! سلام عليك يا لبنان!” دعاء بلغة الضاد يرفعه صوت ملائكي تثير ألفاظه عجب مرء مولع بموسيقى ليريكيّة لم يعهدها إلا بنطق أوروبي. إنّها أسطوانة Orientarias ، مقصد جريء وفذّ، ابتدعته السوبرانو ريما الطويل ذات الشهرة العالميّة، مشروع يجسّد إسهاما منها للسلام في منطقة الشرق الأوسط وللصداقة بين شعوبه وشعوب الغرب.

 انطلقت مسيرة ريما في الكونسرفاتوار اللبناني حيث درست الغناء الكلاسيكي، ثم أكملت في “لاسكالا” (ميلانو) بعدما كانت أحد الطلاب الثلاثة الذين اختيروا من بين 600 متبارٍ. أبدعت في الغناء على المنابر العالميّة للأوبرا الكلاسيكيّة في أوروبا وأميركا. وجادت بصوتها مع كبار الموسقيين حتّى في لبنان، حيث غنّت مع خوسي كاريراس في “يت الدين” (2002) ومع بلاسيدو دومينغو في “مهرجانات بعلبك” (2005).

 التنوّع اللغوي لازم السوبرانو اللبنانيّة ـــــ الفرنسية المقيمة في باريس، منذ أكثر من عقدين. لجأت في أدائها الأوبرالي إلى عشر لغات أجنبيّة، بينها الإيطاليّة والألمانيّة والروسيّة… أما فكرة الغناء بالعربيّة، فخطرت لها أثناء دراستها مقاطع باللغة التشيكيّة، وكانت اللسان الأصعب على ريما التي جاهدت لإتقان ألفاظه الثقيلة والمعقّدة. هنا جاءتها الفكرة: لماذا لا تغني باللغة العربيّة “القابلة للتكيّف مع أنغام الموسيقى الكلاسيكيّة، وخصوصاً اللهجة اللبنانيّة”؟ هكذا بزغت فكرة Orientarias، وأساسها أداء غناء باللغة العربية، بحسب تقنيّة الأداء الأوبرالي الغنائي، برفقة أوركسترا كلاسيكيّة وكورس، كما هي الحال مع موسيقى فيردي أو بوتشيني أو تشايكوفسكي. ومع أن قوام هذا النوع من الغناء ليس الطرب، أو الموسيقى الفولكلوريّة الشرقيّة، بل لحن غربي تلازمه بعض النغمات الشرقيّة، فإنّ الآلات الشرقية كالدربكّة والدف والرق والإيقاعات في مقدّمة بعض الأغنيات، تتمازج مع الآلات الغربيّة، وتتزاوج معها، على نحو لم تألفه الموسيقى الكلاسيكّية من قبل، حتى مع المؤلفات التقليديّة ذات الطابع الشرقي، كشهرزاد لريمسكي كورساكوف. فاللفظ العربي، وإن لم يفقهه السامع من اللحظة الأولى، يضفي على الأغنيّة مسحة ساحرة، تلمس الأذن بشكل خفر لتنشرح في باطن شعور موسيقي مدهش.

 أمضت ريما طويل أربع سنوات لإتمام المشروع الذي أشركت فيه الشاعر هنري زغيب، والطبيب كميل طويل (زوج الفنّانة)، والنحات رودي رحمة، والدبلوماسي بهجة رزق، والملحنين سليمان القدسي وفانسان شارييه. وبعد عمل دؤوب ومشوّق، دخل المشروع عالم الفن والأوبرا من بابه الواسع  إذ غنّت ريما في صالة بلايل المرموقة في تشرين الأوّل 2010، ولقيت هذه التجربة الأولى ترحيبا من نقّاد الموسيقى. وقد أتيح لمحبّي الموسيقى أن يلتقوا صاحبة الفكرة الفريدة في أكثر من إمضاء، في الFNAC بباريس (حزيران 2011) حيث بلغت مبيعات الأسطوانة المراكز الأولى، وفي جامعة اللويزة في تمّوز 2011. كما اهتمّت بهذا الحدث عدّة وسائل إعلاميّة مرئيّة ومسموعة ومكتوبة.

 تطمح ريما طويل إلى كسر الحواجز الثقافيّة، وإعطاء اللغة العربية موقعاً في عالم الأوبرا، من خلال موسيقى قريبة من الأذن. وتقول إنّ هدفها فتح أبواب بلدها لفنّ الأوبرا، وحمل فنّ الأوبرا إلى اللغة العربيّة، كما تأمل أن تشجّع التجربة المعنيّين في لبنان، كي يولوا أهميّة أكبر لهذا النوع الموسيقي الذي يجيده ويتذوّقه كثيرون في بلاد الأرز.

أنطوان فليفل

جريدة الأخبار 18.08.2011

Paul Khoury : la laïcité garantit la diversité humaine, Al-Akhbar, 18.08.2011

بولس الخوري: العلمانية تصون التنوّع الإنساني

 13 paul khoury

ولد بولس الخوري في 1921 في دردغيا (صور). بعد دراسته الأدب والفلسفة في بيروت أكمل دراساته وأبحاثه في الفلسفة واللاهوت وعلم الإسلاميّات في روما، ستراسبورغ، بولونيا، فيينّا، مونستر، هايدلبرغ، واشنطن، القاهرة، وباريس، حيث درس مع بول ريكور وموريس مرلو ـــــ بونتي. حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة لايدن (هولاندا) في 1965، وقد تناول بحثه بولس الإنطاكي، أسقف صيدا الملكي (القرن الثاني عشر). علّم الخوري الفلسفة في مدارس وجامعات عدّة، وأسهم في تأسيس مجلّة آفاق في 1974 في بيروت. يمكن تقسيم نشاطه الفكري إلى ثلاثة حقول من الدراسات والمنشورات: أوّلها يتناول الفكر العربي المعاصر؛ ثانيها يتناول المجادلة اللاهوتيّة الإسلاميّة ـــــ المسيحيّة باللغة العربية، من القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر؛ وثالثها يتطرّق إلى مسائل اجتماعيّة، دينيّة وفلسفيّة.

 تحيط ببولس الخوري الكتب من كل الجهات. الحوار شيّق جدّاً مع مؤلّف عشرات الكتب التي تتناول ميادين فكرية عديدة، ومنها الفكر العربي الحديث

 ■ ما هي الفلسفة؟

هي أولاً مجموعة أسئلة نطرحها على كلّ المسائل، حول كل شيء. وهي ثانياً محاولة لفهم المعنى عبر التأويل، فمن المستحيل معرفة الأمور بشكل مباشر، لأنّني أراها من منظاري، ولا يمكنني القول إنّ بمقدوري إدراكها بذاتها، كما هي، ففهمي لها يبقى ملتصقاً بتأويلي ووجهة نظري. لذلك، الفلسفة هي محاولة: هي ما أراه، ما يخيّل إلي، ما يظهر لي تحت ذلك الشكل… هذا ما يمكن الفلسفة أن تقوله، لكن حذار، لا توجد مع الفلسفة أيّة إجابة نهائيّة. ومن يعتقد أنّه أجاب على نحو نهائي فهو متوهّم أشدّ التوهّم.

 ■ هل يمكننا القول من ذاك المنطلق إنّ كلّ الناس فلاسفة؟

في المبدأ، كلّ الناس يطرحون الأسئلة، لذلك هم كلّهم فلاسفة، لكن تنقصهم الوسائل التي تتيح لهم التكلّم بدقة، والتعبير على النحو الملائم والفذّ. تلك الوسائل هي المبادئ المنطقية التي قامت عليها الفلسفة، والمفاهيم اللغويّة الواجب الارتكاز عليها للتمييز بين أنظومة وأخرى، ومفهوم وآخر. لذلك، يتمايز الفيلسوف المتخصص عن بقية الناس الذين لا يملكون الوقت للتعمّق في الأسئلة التي يطرحونها، بحكم انشغالهم بأمورهم الحياتية. أمّا الفيلسوف المتخصص، فلديه كل وقته للتبحّر في السؤال وفي محاولاته للإجابة. إذاً، الكلّ فلاسفة في نقطة الانطلاق، لكن الكلّ ليسوا بمتخصصين لأنّهم لم يقضوا وقتهم في التفكير في الأسئلة والمعنى.

 ■ هل للفلسفة وظيفة ما في عالمنا العربي؟

في كلّ العالم، لا فقط في عالمنا العربي، لأنّ الفلسفة هي البحث عن المعنى. ما معنى كلّ الأمور الموجودة؟ نحن نلاحظ أنّ الأمور موجودة، لكن ما معناها؟ نحن نعلم من خلال العلوم كيف هي موجودة أو كيف تعمل، لكنّ العلوم لا تعطينا الإجابة عن المعنى.

 ■ لكن أليس ذلك هو السؤال نفسه الذي يطرحه اللاهوت أو الإيمان؟

بلى، بالطبع، لكن الإيمان يجيب على طريقته التي هي طريقة اليقين. أما الفلسفة، فهي تقترح إجابات غير نهائية، لعلّها تكون مناسبة.

 ■ لكن مع أهميّتها لكلّ العالم، ما هي رسالتها الحاليّة في العالم العربي؟

هي تساؤل العرب عن معنى وجودهم وعن أحوالهم الآنيّة. لماذا وصلنا إلى هذا الحد من الانحدار؟ في القرون القديمة، كانت الثقافة العربية هي الثقافة بامتياز. فكل الجامعات الأوروبيّة في القرون الوسطى استقت العلوم من الأندلس. درس طلابها في الجامعات العربية، ثمّ عادوا وأسسوا الجامعات الشهيرة في باريس وأكسفورد. وبعدها، أخذوا استقلاليّتهم، وطوّر كلّ منهم على حدّة فكره الخاص، لكنّهم طوّروا انطلاقاً ممّا أخذوه من الثقافة العربية.

 ■ هل للفلسفة إجابة عن سبب الوصول إلى تلك الأحوال في العالم العربي، وهل لديها اقتراحات على الأقل؟

ما يحدّد المنطق العربي الحالي هو الجمود. لدينا قانون إيمان ديني، وأحياناً سياسي لا حياد عنه. نكبّل أنفسنا بأمور دينيّة وسياسيّة، نجهل أحياناً مصدرها أو سبب وجودها. وذلك أمر غير طبيعي، يخلو من حريّة الفكر التي هي حتماً ضروريّة. فحرية الفكر كفيلة بتحريرنا من القيود الدينيّة والسياسيّة.

 ■ ما هي نقاط فلسفتك الأساسية؟

لدي فكرة أساسيّة: لا يمكننا معرفة أي شيء إلا على مستوى الإنسان. الإنسان لا يدرك إلا ما هو إنساني، أي عالمه. إن ادعى أنّ هناك وجوداً لعالم آخر فهذا وهم وحلم. ففي الواقع، لا يوجد إلا العالم الإنساني. وإن تخيّل أي عالم آخر، أرفع أو أدنى من عالمه، فهو يصوّره على صورة عالمه. اسأل مثلاً المؤمن: «ماذا يعني الله»؟ سيعطيك إجابة نابعة من مفاهيمه الإنسانية، وكل ما سيقوله سيكون نابعاً منها. لذلك، فإنّ هنالك محوراً فكرياً هو الأنتروبولوجيا (علم الإنسان). نحن محاطون بدائرتنا الدنيويّة، والدنيا أو العالم هو، كما يقوله شوبنهاور، تصوُّري أنا (ma représentation).

لقد قمت بدراسات عدّة عن الفكر العربي. وما أردت أن أتناوله هو العقلانية في الفكر العربي الحالي. العقلانية هي طريق التحوّل الحضاري، هي النقطة المحورية في ذاك التحوّل. تحتوي العقلانية على قدرة التحول في العالم العربي، على عكس الإيمانيّة (fidéisme) أو التخيّل، وهي تساعد على التخلّص من الفكر العقائدي الديني، ومن التبعية للبلدان الغربية المستعمِرة.

 ■ ما رأيك في الربيع العربي؟

لقد انتظرناه منذ زمن بعيد. فتلك الأنظمة الاستبدادية لم يكن بوسعها الاستمرار طويلاً، كان يمكنها البقاء فقط فترة لم يبلغ فيها الشعب مستوى معيناً من الثقافة ومن الوعي الذاتي، لكي يعيش حياة سياسية طبيعية، لكن عندما يأتي الوقت ويبلغ الشعب مستوى معيّناً من الوعي الذاتي، يطرد الاستبداد والدكتاتوريّات وتؤدي الديموقراطية دورها. ما يحصل في العالم العربي طبيعي جداً، وقد آن الأوان لدخول العالم العربي إلى معترك الحياة الديموقراطية.

 ■ هل هناك مرتكزات فكرية وفلسفية للثورات العربية الحالية كتلك التي عرفناها مع ثورات التاريخ الكبرى، كالثورة الفرنسية أو البولشفية؟

أنا لا أقول إنّ الشعب كلّه يبلغ أرفع درجات الوعي الفكري. ففي أميركا أو أوروبا، يبقى الشعب شعباً، وتقوده دائماً قلّة قليلة، بعض المفكّرين والسياسيين. الشعب يتبع هؤلاء لأنّ لديه همّ العيش اليومي، وليس لديه الوقت للتفكير في كل شيء، وهو ليس قادراً على أن يدخل في تفاصيل كل الأمور. حال الشعوب العربية كحال كل شعوب العالم، لكن ما نخشاه هو أن تضع بعض الدول الإمبريالية، كالولايات المتحدة أو إسرائيل أيديها على المنطقة. يخيّل إلي أنّ أميركا وإسرائيل تريدان أن ترسما حدود هذه المنطقة على هواهما، كما حصل سابقاً بين الفرنسيين والبريطانيين على أثر سقوط الإمبراطورية العثمانية.

 ■ ماذا عن العلمانية والطائفية في لبنان؟

يتكلّمون عن العلمانية كما لو كانت الأساس، وما هي إلا جزء من ظاهرة الدنيويّة (la sécularisation). في الزمن البعيد، كان العالم مقسّماً إلى إكليروس يملك المعرفة، وعلمانيين لا يملكونها. من هذا المنطلق، كان الإكليروس هو من يصنع الثقافة على أساس نظرته الدينيّة إلى العالم، وهي مرتكزة على مقومات خمس: المعتقدات، والعبادات، والأسس الأخلاقية، والمؤسسات الاجتماعية والإمساك بالحياة السياسية. عندما تأتي الدنيويّة، تدحض تلك المقومات الخمس فلا يعود الشعب جاهلاً، إذ تثقّف؛ الثقافة تتطوّر ولا تعود ملك الإكليروس. حينها، يحصل نوع من التصالح بين العلمانيين والثقافة من جهة، وتنافس من جهة أخرى مع الإكليروس لأنّ الفريق الديني ثابت، غير متحرّك، أمّا الثقافة، ففي تطور دائم. وفي نهاية المطاف، تقول الثقافة للإكليروس، أنتم متأخرون، وهنا تحصل القطيعة. ماذا تقول عندها الثقافة لمقوّمات النظرة الدينية الخمس؟ ترى أنّ معتقدات الإيمان أسطورية وغير عقلانية، وأنّ العبادات غير فعّالة أو واقعية، وأنّ القيم الأخلاقيّة مثاليّة إلى حد لا يمكن تحقيقها، وأنّه لا حاجة إلى المؤسسات الاجتماعية الدينية لأنّ المجتمع المدني بنى مؤسساته، فما جدوى خلق مجتمع في المجتمع؟ فليكن المجتمع شاملاً، وليكن الدين جزءاً منه، لا أكثر.

أمّا في ما يتعلّق بالمقوّمة السياسية، فكان الإكليروس سابقاً يملي على العلمانيين ما عليهم صنعه في السياسة والاقتصاد والاجتماع، لكن المجتمع الدنيوي قال لهم: نحن لسنا بحاجة إليكم، فنحن نتدبّر أمورنا جيداً من دونكم. وهنا العلمانية، على هذا الصعيد، تعني نهي الإكليروس عن التدخّل باسم الدين، في الأمور السياسية والاقتصادية للمجتمع. إذاً، العلمانية تخص مقوّمة ظاهرة الدنيويّة الخامسة.

المجتمع مدني، وهو حكماً مؤلف من التنوع الإنساني الموجود فيه، لكن الجامع لهذا التنوّع عليه أن يكون الدولة العلمانية التي لا تخضع لأي دين أو عقيدة. وهي تحافظ على حريّة كل مواطن من دون أن تؤذي حريته وحرية الآخر. هذا الحل مثالي للبنان، لكنّني لا أدري إن كانت العقول ناضجة بما فيه الكفاية لقبول ذلك، وخاصةً أنّ هناك مستفيدين كثيرين من النظام الطائفي في لبنان، من رجال دين وأهل سياسة.

(صدر منذ أسابيع في فرنسا: Paul KHOURY Islam et christianisme‚ dialogue religieux et défi de la modernité‚ Coll. Pensée religieuse et philosophique arabe‚ sous la direction de Antoine FLEYFEL‚ Paris‚ L’Harmattan‚ 2011‚ 130 p).

حاوره أنطوان فليفل

جريدة الأخبار 18.08.2011

Dialogue avec l’écrivain et philosophe libanais Antoine Fleyfel, Fr24, 12.07.2011

“Dialogue avec l’écrivain et philosophe libanais Antoine Fleyfel”. Emission “Thakafa” (culture) sur la chaîne Fr24 (section arabe). Le 12.07.2011.

Salwa Nsouli-Lalardrie, “Liban avenir, 4ème rendez-vous”, 30.06.2011

Publié par : Salwa Nsouli-Lalardrie, 30 juin 2011

Lien du Site Web original : http://libanavenir.wordpress.com/2011/06/30/4eme-rendez-vous/

Le triste spectacle auquel nous avons assisté pour former le gouvernement et pour faire le partage des portefeuilles ministériels entre tel ou tel bloc, puis pour attribuer ceux-ci à tel ou tel quidam, ainsi que les troubles graves dans notre voisinage aux répercussions inévitables sur notre pays, rendent indispensables une prise de conscience de nos problèmes, une remise en question de nos institutions, de nos comportements, et une volonté d’y remédier en préparant l’avenir dès aujourd’hui, il y va de l’existence de ce pays.

Dans l’immédiat, et en prévision de la prochaine échéance électorale, il est urgent d’élaborer une nouvelle loi plus juste et plus représentative des forces vives du pays. Bahige Tabbarah nous fait l’amitié de proposer sur ce site, ses réflexions à ce sujet.

Quant à moi, je voudrais revenir sur notre régime confessionnel tant discuté et sur la laïcité, objet de tant d’amalgames, afin de clarifier la réflexion et préciser les concepts.

Je m’appuierai sur trois ouvrages remarquables. Il s’agit de :

« La théologie contextuelle arabe. Modèle libanais » d’Antoine Fleyfel ( Ed. L’Harmattan, 2011), qui analyse les idées et la position personnelle de quatre théologiens libanais, compte tenu du contexte dans lequel ils vivent : Michel Hayek, Youakim Moubarac, Grégoire Haddad—que je salue, ayant été la trésorière de l’antenne à Paris du Mouvement social qu’il a fondé–, Georges Khodr—dont je lis régulièrement et avec intérêt les articles—et Mouchir Aoun.

« L’islam est-il hostile à la laïcité ? » de Abdou Filali-Ansary (Ed.Le Fennec, 1997), qui discute et argumente la manière de voir la laïcité par des penseurs musulmans contemporains.

« Les laïcités sans frontières » de Jean Bauberot et Micheline Milot (Ed. du Seuil, janvier 2011), qui se livrent à une lecture historique, sociologique et politique de ce thème censé répondre aux défis des sociétés pluralistes.

Le régime confessionnel est classiquement considéré comme le fondement de la convivialité libanaise et le garant de l’existence physique des confessions et de leurs droits au sein du pays. Un idéal culturel, qui a révélé dans la réalité son vrai visage.

Les quatre théologiens condamnent le confessionnalisme et ses méfaits. Cependant, Georges Khodr fait observer que cela n’implique pas que le régime confessionnel, en soi, fût mauvais. C’est l’exploitation de ce régime, selon lui, et sa mauvaise utilisation par les politiciens, qui mènent aux impasses confessionnelles au Liban. Les autres le condamnent absolument, et je ne résiste pas à vous rapporter les grandes lignes de l’attitude de Mouchir Aoun face au confessionnalisme.

Pour lui, le confessionnalisme est la cause première de « la fragilité libanaise », car il conduit à l’absence de citoyenneté, à l’absence d’appartenance et d’identité, aux allégeances des confessions à des puissances régionales ou occidentales ; il nuit à la liberté de la pensée et favorise une conception monolithique de la vérité ; il crée une complicité malsaine entre les gens de la politique et ceux de la religion.

Je partage totalement ces observations et regrette douloureusement le temps perdu.

En effet, ce n’est pas sans raison que depuis la naissance de la République libanaise, il est demandé l’abolition de ce régime confessionnel. Et pas par n’importe qui—D’éminents penseurs, des auteurs et des journalistes, n’ont cessé de le dénoncer. Ce n’étaient ni des bornés, ni des mécréants, mais des patriotes qui voyaient loin, qui n’imaginaient cependant pas, dans leurs cauchemars les plus fous, quelle serait l’évolution de leur pays. Depuis, une guerre où les uns brandissaient la croix et les autres les versets du Coran ; depuis, une succession de crises, de blocages, de paralysie des institutions, une gestion du pays qui va à vau-l’eau, et ce, dans un climat de tensions, de discorde, voire de haine…

Ce n’est pas sans raison que des organisations de la société civile poursuivent la lutte contre ce système depuis des années.

Ce n’est pas sans raison qu’il y eut au cours des derniers mois des manifestations réclamant l’abolition du système confessionnel. Ce n’est ni pour imiter «les révoltes du printemps arabe », ni par caprice… Ces jeunes refusent ce système qu’ils perçoivent, confusément, comme le mal premier au sein d’un ensemble protéiforme dans lequel ils ne savent ni qui accuser ni comment on peut y remédier. Sans compter qu’ils ne supportent plus qu’on se paie de mots, et pour commencer, une Constitution qui énonce : « Tous les Libanais sont égaux devant la loi. Ils jouissent également des droits civils et politiques ».

Y remédier ? De nombreuses voix se sont élevées pour réclamer la laïcité (nous reviendrons sur ce concept plus loin) ; les quatre théologiens sus-cités en font partie. Cependant, les diverses opinions et les nombreux articles parus dans les journaux que les manifestations ont provoqués, prouvent qu’il existe bien de confusions.

° Il y a ceux qui considèrent que le problème de la laïcité n’existe pas puisque l’État libanais est un État laïque compte tenu qu’il est gouverné par des gens laïcs et par des lois laïques (à l’exception des lois matrimoniales). Que de toute façon, l’islam n’a pas besoin de laïcité. Il serait déjà laïque en substance : la catégorie des hommes de religion—‘ulama, fuqaha, mufti qui sont intégrés à la société– ne constitue en aucun cas un corps structuré et hiérarchisé qui cherche à imposer les doctrines et les normes religieuses à la société. (Je suppose que le penseur musulman, qu’indique à ce sujet Abdou Filali-Ansary, ne fait allusion qu’au sunnisme).

° Il y a ceux qui estiment que la laïcité est étrangère à l’esprit de l’islam parce qu’elle leur semble symboliser le renoncement à l’idéal de justice et de moralité collective. En tant que système de valeurs, l’islam ne peut favoriser une société fondée sur le « laissez-faire » (sic). Si la laïcité est assimilée à un libéralisme pur, rejetant toute idée de valeur morale comme ciment social, alors là, oui, l’islam lui serait certainement hostile.

Et par les chrétiens, elle est suspectée d’athéisme, écartant la dimension religieuse et l’ouverture à Dieu et à l’absolu. Elle est même taxée d’antireligieuse, d’anticléricale, opposée aux valeurs et institutions religieuses.

° Il y a ceux qui évitent d’utiliser le terme, pour un contenu qui s’en rapprocherait. G. Khodr opte pour une laïcité synonyme « d’Etat civil» ; M. Hayek, pour « un pays areligieux » ; le Synode des évêques du Moyen-Orient, en octobre 2010, au Vatican, préfère le terme « d’Etat civique » ; Al-Azhar, dans le débat sur l’Égypte post- Moubarak, se prononce pour un État « démocratique, moderne et non religieux ».

De même, pour certains penseurs musulmans, en appeler à un dépassement du sous-développement ou à la mise en œuvre de la rationalité et de la démocratie dans leurs pays « n’est qu’une façon détournée d’exprimer le contenu de la laïcité sans l’appeler par son nom ».

Qu’est la laïcité en définitive ?

Le mot a un contenu variable.

Il est dangereux que la laïcité à la française soit prise comme prototype de toute laïcité. Considérée comme militante, hostile à la religion, elle fut, en effet, d’abord anticléricale, a constitué l’enjeu de débats, de tensions, de conflits internes ; elle continue à être instrumentalisée. « Quand on parle de laïcité à la française , cela ne veut rien dire. À ce régime-là, il y a 27 exceptions en Europe », s’enflamme Émile Poulat, historien et sociologue.

Il est important de se refuser à une analyse simplement définie par les seules considérations d’un pays donné, à un moment donné, d’après les contingences politiques propres à ce pays.

Il existe différentes laïcités dans le temps et dans l’espace. Les voies pour y parvenir suivent des tracés très différents selon les contextes historiques et nationaux. C’est pourquoi, écrit J. Bauberot, elle se décline au pluriel par ses principes constitutifs à travers leurs diverses articulations.

La laïcité est « plurielle », mais c’est une notion singulière, poursuit-il. La laïcité doit, en effet, répondre au problème posé concernant directement les conditions politiques qui rendent possible une cohabitation pacifique entre des groupes d’individus dont la conception de la vérité est différente. Elle concerne donc l’aménagement politique, puis la traduction juridique de la place de la religion dans la société civile et dans les institutions publiques.

Quatre principes interdépendants la constituent. Si diverses que soient leurs formes et les situations auxquelles elles correspondent, les laïcités ont toutes en commun le fait d’articuler, de façon plus ou moins harmonieuse, ces quatre principes . Deux portent sur les finalités et deux, sur les moyens. Leur émergence ne suit pas le même ordre chronologique dans tous les contextes nationaux. Les deux premiers, objectifs relatifs à la tolérance, se sont traduits graduellement dans le droit : liberté de conscience et de religion, et son prolongement nécessaire, l’égalité. Les deux autres principes, les moyens, concernent l’aménagement politique qui favorise la concrétisation des finalités : la séparation du politique et du religieux et la neutralité de l’État, c’est-à-dire l’impartialité de la gouvernance à l’égard des divers groupes convictionnels de la société civile.

La neutralité ne signifie pas pour autant que l’État soit « sans valeurs » puisque la gouvernance étatique repose sur des valeurs fondamentales comme la démocratie, la tolérance, le respect de la diversité et les droits de l’homme. Quant au discours sur le sens de la vie, qu’on accuse la laïcité de dévoyer ou d’évacuer, ce discours ne la concerne tout simplement pas ! Par les garanties des libertés de conscience et d’expression, la multiplicité des propositions de sens (avec d’ailleurs, une diversité interne à chaque confession) se déploie sans entraves dans toutes les sociétés démocratiques. En cela, J. Bauberot rejoint le penseur musulman qui écrit : « la laïcité est en soi un cadre vide »… Elle n’est l’expression d’aucune idéologie ; islam et laïcité ne sont pas des catégories comparables, ne se situent pas sur le même plan pour qu’elles puissent faire l’objet d’un rapprochement. L’une est une religion universelle, l’autre, un mode d’organisation socio-politique.

Les ambiguïtés linguistiques expliquent aussi les méfiances vis-à-vis de la laïcité.

Ainsi, en arabe, le terme de «’almaniyyah » traduit deux notions, « laïcité » et « sécularisme ». Comme nous l’avons vu, la laïcité est un concept de régulation, d’aménagement politique de la liberté de conscience en démocratie. Alors que le sécularisme est rattaché dans l’esprit de beaucoup à sécularisation, dont il est sémantiquement proche. Et sécularisation est un concept socioculturel concernant les idées, les mœurs, le comportement des individus et englobe la régulation politique des convictions et des religions. Multidimensionnel, il multiplie les équivoques. Ainsi le processus de sécularisation se dédouble, et peut aussi bien avoir pour résultat une « société permissive » éloignée des normes religieuses, que des liens distendus entre religion et Etat. La confusion vient du fait que les écrits de langue anglaise recourent aux notions de secularism ou de secular state pour décrire la réalité politique de l’État. Depuis quelques années, le néologisme laicity est utilisé dans les publications anglophones.

Remplacer, en arabe, le terme « laïque » par d’autres termes qui auront nombre d’autres sens, comme « civil » ou « civique », risque de prolonger la confusion.

Aux termes de ces précisions, je souhaite que les ambiguïtés concernant la laïcité ont été levées. J’ajoute que la dissociation entre citoyenneté et religion est maintenant partout réalisée dans les pays démocratiques.

Les temps changent, comme notre environnement géopolitique, comme notre société. Il serait grand temps d’adopter dans celle-ci la laïcité qui est, écrit A. Fleyfel, d’ores et déjà « de mise pour la pensée chrétienne religieuse libanaise, essentiellement parce qu’elle est considérée comme un antidote aux impasses du confessionnalisme, mais aussi parce qu’elle favorise la citoyenneté et préserve la diversité culturelle et religieuse sans succomber au piège du recroquevillement confessionnel ». J’ose espérer que le dialogue islamo- chrétien en cours permettra aux autres confessions de progresser dans la même voie.

Salwa Nsouli-Lalardrie
30 Juin 2011

Hellfest 2011, Al-Akhbar, 28.06.2011

فرنسا نزلت إلى «الجحيم»: «سكوربيونز» و«جوداس بريست» والآخرون

 11 hellfest 2011

حتى اليوم، ما زال الـ«روك ـــ ميتال» يقابل بالارتياب… حتى في عاصمة الأنوار التي شهدت قبل أيام الدورة الخامسة من «مهرجان الجحيم» أكبر تظاهرة لهذا النوع من الموسيقى في أوروبا

 «سيّدي الوزير، التنوّع الثقافي والموسيقي، ما زال إلى اليوم مخنوقاً في فرنسا الأنوار (…) أتفهّم تماماً الأشخاص الذين لا يحبّون هذه الموسيقى. لكنني أتمسّك بحق مئات الآلاف من الفرنسيين بسماعها والتمتّع بها. البارحة Led Zeppelin، واليوم Metallica،Opeth،Epica،Adagio،Mass Hysteria،Gojira، كلّها فرق موسيقية لذيذة أنصحك بالاستماع إليها. كل هؤلاء الموسيقيين يمكن مشاهدتهم في المهرجانات القادمة، وخصوصاً في الـ Hellfest، أكبر مهرجان روك ـــــ ميتال في فرنسا». هذا ما قاله النائب الفرنسي اليساري فيليب روا، متوجهاً إلى وزير الثقافة فريدريك ميتران، خلال جلسة صاخبة لمجلس النواب الفرنسي عام 2009، محتجاً على سياسيين تهجموا على الـHellfest.

 تظهر فرنسا هذا العام كأرض مختارة لموسيقى الروك ـــــ ميتال. يستقبل الـ Hellfest 80 ألفاً من عشّاق الميتال في كليسون قرب مدينة نانت، ما يجعله أحد أكبر مهرجانات الروك ـــــ ميتال في العالم، منافساً نظيره الألماني Wacken Open Air. أقيم الـ Hellfest للمرّة الأولى عام 2006، واستقبل 22 ألف شخص. وبقي عدد المشاركين يتزايد إلى أن بلغ هذا العام حدّ الاستيعاب الأقصى. يقام المهرجان سنوياً في أواخر حزيران (يونيو) ويستمرّ ثلاثة أيام، ويضم مئة فرقة تتركز موسيقاها على أنواع الميتال المختلفة، كالـ Heavy، والـ Thrash، والـ Black، والـ Death.

 وصلنا إلى أرض المهرجان في بعد ظهر نهار الجمعة 17 حزيران. المكان مكتظ بالأشخاص المرتدين اللون الأسود والملابس الجلدية المزيّنة بأسماء فرقهم المفضّلة وبمعادن متنوّعة أحيانا. النساء مثيرات وما أجملهنّ… بعد المرور على المدخل الرئيسي لإبراز بطاقة الدخول، وضع الموظّف حول معصمي إسوارا يثبت حقي بالدخول، ويخولّني التنقّل في أرض المهرجان الكبيرة. ولكن قبل التوجّه إلى المسارح الموسيقية، كان علينا نصب خيمتنا. قطع أرض كبيرة خُصّصت لنصب ألاف الخيم التي لم يتردّد بعض أصحابها بغرس أعلام بلدانهم بقربها. كل شيء منظّم: الحمّامات، الدخول إلى المسارح، بيع السلع والمشروبات والأطعمة، مراكز الفرز البيئي… نظافة القسم الأكبر من أرض المهرجان ملفتة، وذلك يعود إلى الفرز البيئي الذي تقوم به الأغلبية الساحقة من المشاركين. يشجّع على ذلك منظّمو المهرجان عبر إبدالهم الزجاجات الفارغة والكبسولات بأكواب البيرة… أمّا الأمر الآخر الملفت، فهو فرح الحاضرين، وطبعهم المرح، وتهذيبهم على عكس ما يمكن لمناهضي هذه الموسيقى اعتقاده. فلم يحصل في ثلاثة أيّام أيّ حادث يذكر، على الرغم من أعداد المشاركين الهائلة وصخب الموسيقى وعنفها أحيانا.

 هناك أربعة مسارح موسيقية: الMainstage 01، والMainstage 02، والRock Hard Tent، والTerrorizer Tent، يختار المشارك أحدها بحسب الفريق الذي يريد سماعه. يبدأ الغناء في تمام الساعة العاشرة صباحا، وينتهي حوالي الساعة الثانية بعد نصف الليل. ولكن حذار لمن يعتقد أنّ بامكانه إراحة أذنيه بعد ذلك. فالMetal Corner، حيث يوجد الHell Bar (المكان الذي نتناول فيه طعام الفطور صباحا ونحتسي به البيرة طوال النهار)، يحتوى على مسرح موسيقي، تستعمله فرق الميتال الفتيّة إلى الساعة الرابعة صباحا أو أكثر. بالقرب من المسارح الموسيقية الأربعة مطاعم كثيرة، ومساحات خاصّة للقاءات بين بعض الفرق الموسيقيّة ومحبّيهم، للإمضاءات والصور. تتكلّل فرحة المشاركين بالسوق الكبير Extrem Market الذي يقتظ بأكثر من مئة تاجر أتوا من بلدان مختلفة لبيع الملابس الخاصة بموسيقى الميتال ومنها للأطفال، والآلات الموسيقيّة والسيديهات، وأنواع متنوّعة جدّا من أدوات الزينة النادر وجودها.

 يستطيع المشارك في مهرجان هذه السنة رؤية فرق روك – ميتال عريقة، تغنّي منذ عشرات السنين، مثلUFO،Ozzy Osbourne،Iggy and the Stooges،Mr. Big، Morbid Angel، Dark Tranquility، Therion،Kreator… وأيضا فرقا موسيقيّة أحدث نسبيّا، مثل Opeth، Cradle of Filth،Black Label Society،Anathema،In Flames، Apocalyptica… ولكن الفريقان الذان كان يجب سماعهما حتما هذه السنة هما الScorpions والJudas Priest، ليس فقط لأجل الموسيقى الرائعة والفريدة والأسطورية التي يصنعانها، ولكن أيضا لأنّهما يقومان بآخر حفلاتهما الموسيقيّة قبل التقاعد، بعد حوالي أربعين عاما من العطاء المتواصل والشيّق. الفريقان على المسرح مهولان. فأنت ترى رجالا ستّينيّون يقفزون في كل الإتجّاهات كما لو كان عمرهم عشرين… يلهبون الجمهور الذي يبدو في حالة نشوة… فترى دموع البعض عندما يغنّي الScorpions، Still Loving You، أو Holiday، وتشهد على التدافع الجنوني والHead Banging العنيف عندما يغنّي الJudas Priest،Breaking The Law،Judas Rising، أو Hellrider…

 خلال المهرجان، كان لافتاً حضور Orphaned Land، فرقة إسرائيلية يُقال عنها إنها يسارية ومناصرة للقضية الفلسطينية ومبشّرة بالسلام بين المسلمين واليهود. لم يتردّد المغنّي المرتدي زيّاً شرقيّاً بالتذكير بذلك، قائلاً لجمهوره الذي ضمّ عرباً أيضاً إنّه داعية سلام، وإنّ ما فرّقته السياسة تجمعه الموسيقى! كانت هناك أيضاً راقصة شرقية قال عنها المغني إنّها لبنانية. وفي آخر أغنيّة Norra El Norra التي تجمع الموسيقى العربية بالميتال والكلمات العبرية، رفعت الراقصة العلم اللبناني، ورفع المغنّي العلم الإسرائيلي وضمّه إلى اللبناني، داعياً للسلام. يا ليت النيات الحسنة كافية للقضية الفلسطينية وتحرير اليهودية من الوباء الصهيوني.

 صلبان، وشياطين، وجهنّم، وشعارات وثنيّة، وثياب مثيرة… كلّها رموز يصعب فهمها لمن لم يدرس رمزيّة موسيقى الميتال، ولمن اعتاد تعليب الحقيقة الإنسانيّة والدينية والثقافية في نظرته الضيّقة للوجود والإنسان. كانت لدينا عيّنات من هذه النظرات في لبنان وما زالت، يوم عُدّ محبّو الميتال عبدةً للشيطان، أو أعداءً لله والدين… كل هذه الاعتبارات نابعة من جهل مؤلم لحقيقة الأمور. الغالبية الساحقة من محبّي هذه الموسيقى متنوعو التوجهات والمشارب. وما رموز الشيطان والجحيم، اللذين لا يؤمن بوجودهما أحد تقريباً من محبّي الميتال، إلا صور فنيّة للتعبير عن التمايز ورفض تقاليد إنسانية ودينية معيّنة تثقل الإنسان.

 لم يستطع باتريك روا حضور المهرجان. توفّي في 2 أيّار (مايو) الماضي عن 53 عاماً. ولم يتوانَ الـ Hellfest بتكريم ذكراه. بعد حفلة الـ«سكوربيونز» منتصف ليل السبت، تجمّع عشرات الآلاف في باحة المهرجان وأنشدوا معاً أغنية: For Those About To Rock We Salute You.

 ما هي هذه الموسيقى الصاخبة والعنيفة المسماة ميتال؟ يصعب إعطاء إجابة؛ لأنّ هذه الموسيقى كالحب، لا يفقهها إلا من اختبرها وعشقها. ونذكّر هنا بالإجابة التي أعطاها الفيلم الوثائقي العلمي الرائع Metal :A Headbanger’s Journey (2005): «إنّ الميتال هو قوّة روحية، هو السبيل المباشرة التي يتبعها محبّو هذه الموسيقى لملاقاة الله…».

أنطوان فليفل

جريدة الأخبار 28.06.2011

Table Ronde “La théologie contextuelle arabe, Antoine Fleyfel”, Antélias, 09.06.2011

Table Ronde autour de “La théologie contextuelle arabe. Modèle libanais” de Antoine Fleyfel. Mouvement Culturel d’Antélias, le 9 juin 2011.
En langue arabe.
Président de la séance : Professeur Paul Rouhana
Membres : Professeurs Gaby Hachem et Georges Massouh.

Recension de “La théologie contextuelle arabe. Modèle libanais”, L’Orient le Jour, 09.06.2011

« La théologie contextuelle arabe. Modèle libanais, Paris, L’Harmattan, avril 2011, 332 p. », est un livre récent du Dr Antoine Fleyfel, qui aborde la problématique de la théologie contextuelle pour la première fois dans le contexte libanais.

Fleyfel veut souligner la contextualité de certaines réflexions théologiques libanaises locales, tout en inscrivant leurs méthodes dans le sillage des méthodes universelles de la théologie contextuelle. Cela permet à l’écrivain d’établir les défis de la théologie libanaise et ses horizons d’avenir. La construction de cet ouvrage se fait en trois étapes. Le premier chapitre analyse les pensées de théologiens qui ont essayé de définir l’essence de la théologie contextuelle, méthode théologique nouvelle qui a vu le jour dans les années 1970. Si les théologies traditionnelles s’appuient sur deux sources pour élaborer leurs systèmes, la théologie contextuelle s’appuie sur une troisième source qu’elle considère souvent de la même importance : le contexte. La théologie de la libération en Amérique du sud est un exemple type de théologie contextuelle. Celle-là a considéré l’état de pauvreté et de misère vécu par les peuples comme une source théologique pour la compréhension de Dieu et de l’évangile du Christ. Les chapitres deux, trois, quatre, cinq et six étudient les pensées des théologiens suivants : Michel Hayek, Youakim Moubarac, Grégoire Haddad, Georges Khodr et Mouchir Aoun. Les analyses de ces pensées théologiques mettent en valeur leurs aspects contextuels uniques qui abordent la théologie d’une manière nouvelle et subtile, et qui se différencie souvent des méthodes théologiques classiques. Quant au septième et dernier chapitre, il définit d’une manière ordonnée le contenu de la théologie contextuelle arabe libanaise, ses problématiques actuelles et ses perspectives d’avenir.

La théologie contextuelle arabe libanaise s’appuie sur quatre jalons. Premièrement, elle aborde le dialogue islamo-chrétien d’une manière nouvelle. Ainsi, l’islam n’est plus considéré comme la religion de la fausseté et de l’égarement, ni le Prophète Mahomet comme un prophète mensonger, tel que le croyaient beaucoup de théologiens chrétiens arabes qui ont vécu durant les siècles passés. Au contraire, la théologie contextuelle arabe condamne radicalement ces conceptions, et inscrit l’islam et son Prophète dans la vérité de Dieu. Cela a une grande incidence sur le dialogue interreligieux. Deuxièmement, la théologie contextuelle arabe libanaise insiste sur l’importance de la réforme de la théologie et des Églises. Il est d’ores et déjà impossible pour les Églises de penser, d’agir et de parler avec le monde comme elles le faisaient durant les siècles passés. Ainsi, il leur incombe d’être constamment en état de réforme, de renouveau et de dialogue avec la modernité et le monde actuel. Cette réforme devrait être accompagnée par une réforme de la théologie locale qui souffre de la lourdeur des traductions et du copiage, du grand nombre d’écrits historiques, pieux et sentimentaux, et de la grande rareté des études théologiques systématiques et fondamentales locales, originales et actuelles. Quant à l’œcuménisme, il est une nécessité incontournable puisqu’aucun témoignage authentique des Églises n’est possible sans se mettre sur les voies de la communion ecclésiale. Troisièmement, la théologie politique est considérée comme une élaboration nécessaire qui réfléchit d’une manière croyante autour des questions centrales pour le contexte libanais, comme la guerre libanaise, le confessionnalisme et la laïcité, la cause palestinienne et le sionisme. Il est remarquable de constater que tous les théologiens abordés par cet ouvrage sont opposés au confessionnalisme, et adhèrent tous à une forme de laïcité, chacun à sa manière, d’une façon très réservée ou explicite, voire militante. Quant au sionisme, ils le condamnent et le considèrent criminel et responsable des grands malheurs des arabes et des souffrances du peuple palestinien. La théologie libanaise tient beaucoup à la convivialité des chrétiens, musulmans et laïcs au sein du contexte libanais, considéré comme l’anti-modèle de l’État sioniste raciste. Quatrièmement, la théologie contextuelle arabe libanaise est une théologie de la libération, parce que l’homme arabe a besoin d’être libéré de la pauvreté, de l’occupation, de l’ignorance, du confessionnalisme, du fanatisme, de l’asservissement à des régimes corrompus et tyranniques, et de l’hégémonie de certains États étrangers. Mais la libération commence, comme le dit Michel Hayek, par la libération de l’homme intérieur. La liberté n’est pas possible si son point de départ n’est pas intérieur.

Cet ouvrage a paru dans la collection fondée par l’auteur, et intitulée : « Pensée religieuse et philosophique arabe ». Cette collection s’apprête à imprimer plus de dix livres de théologiens et philosophes libanais et arabes dans les deux années à venir. Le mois prochain paraîtra le deuxième volume de la collection, un ouvrage du philosophe libanais Paul Khoury ayant comme titre : « Islam et christianisme. Dialogue religieux et défi de la modernité ».

Antoine Fleyfel est docteur en philosophie de l’Université Paris I – Sorbonne (2007), et docteur en théologie de l’Université de Strasbourg (2011). Une table ronde aura lieu à Antélias autour de son dernier ouvrage le jeudi 9 juin 2011 à 18h30 précises. Trois théologiens discuteront de ce livre, les pères professeurs : Paul Rouhana (maronite), Georges Massouh (grec orthodoxe) et Gaby Hachem (grec catholique). L’auteur signera son livre à l’issu de la table ronde.

L’Orient Le Jour
09.06.2011