|
Rima Tawil… l’opéra en arabe, Al-Akhbar, 18.08.2011 ريما طويل… الأوبرا بلسان العرب
“شعبي، من غربتي، أنادي، قل معي: لبنان غرامي”. كلمات تحملها حنجرة ذهبية بأداء لم يألفه إنسان الأرض العربيّة. “سلام وغرام! سلام عليك يا لبنان!” دعاء بلغة الضاد يرفعه صوت ملائكي تثير ألفاظه عجب مرء مولع بموسيقى ليريكيّة لم يعهدها إلا بنطق أوروبي. إنّها أسطوانة Orientarias ، مقصد جريء وفذّ، ابتدعته السوبرانو ريما الطويل ذات الشهرة العالميّة، مشروع يجسّد إسهاما منها للسلام في منطقة الشرق الأوسط وللصداقة بين شعوبه وشعوب الغرب.
انطلقت مسيرة ريما في الكونسرفاتوار اللبناني حيث درست الغناء الكلاسيكي، ثم أكملت في “لاسكالا” (ميلانو) بعدما كانت أحد الطلاب الثلاثة الذين اختيروا من بين 600 متبارٍ. أبدعت في الغناء على المنابر العالميّة للأوبرا الكلاسيكيّة في أوروبا وأميركا. وجادت بصوتها مع كبار الموسقيين حتّى في لبنان، حيث غنّت مع خوسي كاريراس في “يت الدين” (2002) ومع بلاسيدو دومينغو في “مهرجانات بعلبك” (2005).
التنوّع اللغوي لازم السوبرانو اللبنانيّة ـــــ الفرنسية المقيمة في باريس، منذ أكثر من عقدين. لجأت في أدائها الأوبرالي إلى عشر لغات أجنبيّة، بينها الإيطاليّة والألمانيّة والروسيّة… أما فكرة الغناء بالعربيّة، فخطرت لها أثناء دراستها مقاطع باللغة التشيكيّة، وكانت اللسان الأصعب على ريما التي جاهدت لإتقان ألفاظه الثقيلة والمعقّدة. هنا جاءتها الفكرة: لماذا لا تغني باللغة العربيّة “القابلة للتكيّف مع أنغام الموسيقى الكلاسيكيّة، وخصوصاً اللهجة اللبنانيّة”؟ هكذا بزغت فكرة Orientarias، وأساسها أداء غناء باللغة العربية، بحسب تقنيّة الأداء الأوبرالي الغنائي، برفقة أوركسترا كلاسيكيّة وكورس، كما هي الحال مع موسيقى فيردي أو بوتشيني أو تشايكوفسكي. ومع أن قوام هذا النوع من الغناء ليس الطرب، أو الموسيقى الفولكلوريّة الشرقيّة، بل لحن غربي تلازمه بعض النغمات الشرقيّة، فإنّ الآلات الشرقية كالدربكّة والدف والرق والإيقاعات في مقدّمة بعض الأغنيات، تتمازج مع الآلات الغربيّة، وتتزاوج معها، على نحو لم تألفه الموسيقى الكلاسيكّية من قبل، حتى مع المؤلفات التقليديّة ذات الطابع الشرقي، كشهرزاد لريمسكي كورساكوف. فاللفظ العربي، وإن لم يفقهه السامع من اللحظة الأولى، يضفي على الأغنيّة مسحة ساحرة، تلمس الأذن بشكل خفر لتنشرح في باطن شعور موسيقي مدهش.
أمضت ريما طويل أربع سنوات لإتمام المشروع الذي أشركت فيه الشاعر هنري زغيب، والطبيب كميل طويل (زوج الفنّانة)، والنحات رودي رحمة، والدبلوماسي بهجة رزق، والملحنين سليمان القدسي وفانسان شارييه. وبعد عمل دؤوب ومشوّق، دخل المشروع عالم الفن والأوبرا من بابه الواسع إذ غنّت ريما في صالة بلايل المرموقة في تشرين الأوّل 2010، ولقيت هذه التجربة الأولى ترحيبا من نقّاد الموسيقى. وقد أتيح لمحبّي الموسيقى أن يلتقوا صاحبة الفكرة الفريدة في أكثر من إمضاء، في الFNAC بباريس (حزيران 2011) حيث بلغت مبيعات الأسطوانة المراكز الأولى، وفي جامعة اللويزة في تمّوز 2011. كما اهتمّت بهذا الحدث عدّة وسائل إعلاميّة مرئيّة ومسموعة ومكتوبة.
تطمح ريما طويل إلى كسر الحواجز الثقافيّة، وإعطاء اللغة العربية موقعاً في عالم الأوبرا، من خلال موسيقى قريبة من الأذن. وتقول إنّ هدفها فتح أبواب بلدها لفنّ الأوبرا، وحمل فنّ الأوبرا إلى اللغة العربيّة، كما تأمل أن تشجّع التجربة المعنيّين في لبنان، كي يولوا أهميّة أكبر لهذا النوع الموسيقي الذي يجيده ويتذوّقه كثيرون في بلاد الأرز.
أنطوان فليفل
جريدة الأخبار 18.08.2011
|
|
Leave a Reply